الاثنين، 24 فبراير 2014

اثر الهجرات والنزوح على الاردن

الأردن والهجرات القصريه
الأردن هو الوطن الوحيد عالمياً الذي تعرض للهجرات القصريه من كل دول الجوار العربي ، وموقعه المتوسط بين هذه الدول هو الذي جعله منطقة استقطباب طلبا للهاربين من جحيم القتل ،الفارين بأنفسهم الباحثين عن الأمن والأمان سواء
ًا افرادا او جماعات.

الأردن نشأ ونمى وتطوروعظُمَ وازدهر بفضل تلك الهجرات ،والتي بدأه الشيشان والشركس هروبا من الظلم الروسي ،وتلاها انطلاقة الثورة العربية الكبرى منذ قدوم فيصل الاول عابراً شرق الاردن 1917 إلى سوريا ، ثم قدوم الامير عبدالله الاول ومن رافقه من الفرسان من الحجاز في العام 1921 والذين قدّر عددهم بنحو الالف فارس وجميعهم استقروا مع الامير ،ثم اسرة الامير في العام 1925 ومرافقيهم من حاشية الامير .

نشرت في مقالاتي السابقه الاحصائيات لسكان شرق الاردن والذين بلغ عددهم (240)
الف نسمه حسب الاحصاء العثماني، والبريطاني، والدوائر الرسميه في تلك الحقبه ، وبينت كيف نمت عمان بين العام 1921 حتى العام 1928 نتيجة الهجرات من الحجاز وفلسطين وسوريا والعراق حيث ارتفع سكانها من 3000 ثلاثة آلاف ، إلى 30000 ثلاثين الفا خلال تلك السنوات، وبينت بالمقالات كيف نمت عمان اقتصادياُ واستفادت من التجار السوريين وحرفهم الذين وفدوا خلال تلك الفترة ، وكيف اقاموا الاسواق التجارية والمهنيه وسط عمان ، وكانوا يحضروا كل السلع من سوريا الى عمان .

الهجرات الى الاردن لم تتوقف من العشرينات وما قبلها ،وبالاضافة لما ذكرته ،كانت هناك هجرة الثوار الذين فروا من سوريا نتيجة الثورة على الفرنسيين ،والذين وآخرين هربوا من العراق نتيجة الثورة على بريطانيا ، وكذلك كثيراً من ابناء فلسطين هربوا نتيجة الثورات التي قاموا بها على بريطانيا في الثلاثينات ،وكانوا مطلوبين ومحكومين بالاعدام وذكرت منهم امين الحسيني الذي لجأ للسلط ومن معه .

وهناك نوع ثاني من الهجرة ذكرتها بالمقالات وهم من استقدمتهم بريطانيا من فلسطين وسوريا ولبنان والحجاز للعمل في الدوائر الحكوميه حديثة الانشاء وكانوا كلهم من العرب حيث سكنوا هم وعائلاتهم واقاربهم واستمر بقائهم في الاردن ، وهناك عشائر كثيره تم ضمها للإمارة مع ترسيم الحدود مع الحجاز ،وسوريا ،والعراق .

لكن الحدث الأكبر هي هجرة النكبة عام 1948 ،حيث تشير الاحصائيات ان عدد الذين قدموا الى الاردن خلال هذه الفترة والمسجلين لدى الامم المتحده واليونروا نحو(100000) المائة الف دخلوا المعابر بين الضفتين الى الضفة الشرقيه ،وبلغ عدد للنازحين المسجلين في الهجرة الثانيه 1967م ، (140) مائة واربعون الف نازح ،من اصل نحو 2 مليون موزعين في انحاء العالم.

والمعروف على مر التاريخ أنّ الهجرات لها فوائد كبيرة ، فهي تمزج الحضارات والثقافات بألوان مختلفه من العلم والمعرفه ،وتنمي الصناعة والتجارة وتدعم الحضارة.

أما شرق الأردن فقد بينتُ من قبل أنها كانت جزءًا من سايكس بيكو حتى العام 1928 ،ولكن بريطانيا نكثت بعدها لليهود لسببين ،الاول كي تفي بجزء من وعدها للشريف بوطن كما اتفقوا ، والسبب الثاني هو استيعاب المهجرين الفلسطينيين الذين سيتم ترحيلهم من فلسطين ليحل مكانهم اليهود ، وترك شرق الاردن على ما يبدو منذ ذلك الزمن ليستوعب كل هذه الهجرات في مراحلها المختلفه ،ولكنه لازال يمثل حلما لليهود على انه المتمم لغربي النهر .

فهل الهجرة الفلسطينيه كانت ضارة ام نافعه للأردن؟
وهل كلفت الخزينة اعباءًا كما يتبادر للأذهان ؟
وهل جنى الاردن ارباحا ماديه من تلك الهجرات لليوم ؟

لكل هجرة ثمنها ، وملايينها او ملياراتها المرافقة لها مادامت موجوده ولم يحل قضيتها ،ناهيك عن الدعم اللامحدود من القمح والمساعدات ،والمنح والهبات ،مقابل استضافة هذه الهجرات .

كما حال المهجرين اليوم من السوريين، والعراقيين ، فالاردن استضاف هؤلاء النازحين واللاجئين ، ولكنه كان ولازال يقبض الملايين بدل هذه الضيافه وإن تم تجنيسهم ومنحهم الجنسية الاردنية ولكن لازالت سجلاتهم تثبت انهم لاجءئين او نازحين ،ومقابل ذلك قدمت الدول العربيه وخاصة الخليج ،والدول الاوروبيه المليارات مساعدات للأردن لدعم اللجوء الفلسطيني ناهيك عن المساعدات العينيه التي كانت تقدم وتوزع على اللاجئين والنازحين،وكلٌ يناله نصيب.

أما في مجال الخدمات فمنذ اللجوء والنزوح، خصصت لهم وكالات دوليه مثل اليونروا ،والصليب الاحمر ،وهيئة الامم المتحدة لاغاثة اللاجئين الفلسطينيين ،ومنظمات كثيرة وجمعيات غير حكوميه كلها كانت تقدم المساعدات والرعاية لكل لاجئ في فلسطين وسوريا ولبنان والاردن ،وتقد لهم المساعدات العينيه والرعاية الصحية والتعليميه والخدمات الاجتماعيه .

الفلسطينيون في الاردن لم يشكلوا عبئاً على التعليم ، فأغلبهم في مخيمات موزعه على المملكه حتى من يقطنون داخل العاصمة والمدن فلا زال اسمه مخيما وان اصبح جزءًا من المدينة ،وفي كل مخيم مدارس لتعليم الطلاب حتى العاشر تستوعب كل ابناء المخيمات جميعهم ، وفي كل مخيم مراكز صحيه متطورة تقدم افضل انواع العلاج مجاناً تكفي كل ابناء المخيمات ، ويمكنها ان تحول اي مريض للمشافي الحكوميه، ووكالة الغوث هي من تحاسب وتدفع ثمن العلاج عنه ان لم يكن مشمولا بالتامين الصحي،مهما كان المرض او تكلفة العلاج ،كذلك خدمات النظافه تقوم بها لجان معينه كنظام البلديات تابعين لليونروا داخل تلك المخيمات ،ولا تتحمل الحكومة أية نفقات فجميعها تتكفل بها اليونروا .

أما في مجال السكن فالدولة تتقاضى بدل ثمن الاراضي التي اقيمت عليها المخيمات من الامم المتحده،وإن كانت الارض عائده للملكيه الفرديه فمعظمها تم شرائها مع مرور الوقت من قبل المقيمين،او تم تعويض بعضا من اصحابها ودفع ثمنها لهم .

أما بالنسبة للطلاب اللاجئين الذين يدرسون في مدارس الحكومه ،فإن الدولة تتقاضى عنهم مبالغا ماليه عن كل طالب يدرس في المدارس الحكوميه حتى اليوم ،وإن جنّس الفلسطينيون لكن لازالوا يعتبروا لاجئين حتى يتم ايجاد حل كامل لقضيتهم حينها ترفع الامم المتحده عنهم في كل دول اللجوء والنزوح الخدمات حسب الحل النهائي الذي سيتم الاتفاق عليه .

ولم يختلف حال اللجوء السوري والعراقي واللبناني عن النزوح الفلسطيني حيث يتم تقديم المليارات كمساعدات عن كل موجة نزوح ، والفارق ان النازح السوري واللبناني والعراقي اغلبهم رجع لوطنه وكان نزوحا آنياً مؤقتاً عكس النزوح الفلسطيني الذي يرتبط بوجود وريث غير شرعي وقضية معقدة يصعب حلها وهو لجوء شبه دائم .

حركات النزوح استفاد منها الاردن كثيراً ، ف بالاضافة للمليارات والمساعدات التي تقدم ، لا ننسى ان اغلبهم من الاثرياء ، وخاصة اللبنانيين والعراقيين ، وشهدت المملكة حركة تجاريه مزدهرة وخاصة في مجال العقارات والاراضي،فجميع حركات النزوح واللجوء ساهمت في رفع اسعار العقارات والمستفيد الاول والاخير هو الاردني لأن له نصيب الاسد من ارض الاباء والاجداد ،أما الأكثر انتفاعاً هم حيتان السلطة ومن حام في حماهم فهؤلاء اغتنوا وبتروا من خلال غسيل الاموال وخاصة مع هجرة العراقيين ، واستفاد علية القوم من الاثرياء العراقيين وبالاتفاق مع تجار النفط الامريكان في تهريب النفط ،او شرائه من قبل المصفاة باسعار عاليه عبر ما فيا من التجار وهؤلاء عدد لا يستهان به .

واستفادت الحكومه خلال الحرب العراقيه المليارات ، من خلال استخدام اراضيها لنقل كل ما تحتاجه القوات الامريكيه والعراقيه من دعم لوجستي يمر عبر حدودها عبر ميناء العقبه او ميناء حيفا او من تركيا عبر سوريا .

كذلك كان الاردن الأكثر استفاده حيث كسب المليارات من نتائج هذه الحروب ، فالشرطه العراقيه والجيش العراقي تم تدريب عشرات الالاف منهم في الاردن وكانت الحكومة تتقاضى الالاف عن كل فرد يتم تدريبه ، ونفس الشيء حصل من خلال تدريب الشرطه والجيش الليبي ،والشرطه الفلسطينيه ، والجيش السوري الحر ، كل هذا الاصل ان يكون داعماً للخزينه ،ولكن الخزينة تأن فقراً وجوعاً رغم هذه المليارات .

لا يوجد شيء مجاناً، فكل شيئ مدفوع الثمن ،والدفع على عدد الرؤوس ، وكل فاتورة علاجيه او تعليميه،او بدل اقامة وتوفير السكن ولو خيمه ،لها ثمن عن كل روح مادام مقيما على ارض الوطن يتم المحاسبة عليها بارقام مجزيه .

اما القول ان النازحين خلقوا أزمات في العلاج والماء والكهربا فهذا مصطنع من الحكومه ، ويحتاج الى تفسير ، لدينا مليارات الامتار من الغاز والحكومة تنفي ولا تريد ان تستخرجه،ومن لم يصدق اليوم غدا يرى ، والحمد لله شجدناه من الصديق واليوم نشحده من العدو وبارقام خياليه.

أما في مجال المياه ، لدينا بحورا من المياه في الديسه وللأسف تباع لليهود بسعر رمزي وتسحب الى اسرائيل، ويحرم منها المواطن الاردني ، ويتمتع بها الخليجي في واحاته وسط الصحراء

أما بالنسبة للخضار والانتاج الزراعي والحيواني ، لدينا ارض تنتج ذهبا ولكن الحكومة ضيقت على المواطن بحجة شح المياه حتى باع ارضه لسماسرة اليهود ، وذكرت بمقالي السابق كيف يهرول اليهود للإستثمار الزراعي في الاردن ، وسنشهد مزيدا من ارتفاع الاسعار على تلك المنتوجات مستقبلا ،وتم رفع ثمن الاعلاف حتى هجر المواطن ثروته الحيوانيه ، كي نصبح غدا مستوردين للحليب الصهيوني ،والدجاج والبيض ،وغيرها من اللحوم .

يجب ان نمييز بين الواقع وما تقوله الحكومة من كلام مسيس تحاول ان تخدع به الشعب ليستمر مسلسل التآمر على الأمة والوطن ،وتمرير الاتفاقيات ،وتحميل الشعوب اللاجئة والنازحة مسؤولية المؤامرة التي تحاك على الشعب من خلال التضييق عليه واسقاط الاسباب على المذبوح والجريح ، كل ما تقوله الحكومه عن عبئ النازحين عليها هو من اجل التغطيه والتستر على امرين ،أولهما التستر على ما تم نهبه وان العجز نتيجة موجات النزوح ، ثم تمرير اتفاقيات السلام والهاء الناس لتنتفع اسرائيل بخيراتنا ، ونعتاش على صادراتها مستقبلا وذكرته بمقالي السابق .

لا اعتقد ان لاجئاً ترك ارضه واهله وتجارته طوعاً وحباً ليسكن في خيمة او يُرمى في صحراء ،ليعيش على صدقات الدول، ويتذوق شتم وشماتة الآخرين به والتقليل من كرامته والمساس بشرفه وعرضه ،ولكنها الظروف التي تقسوا على الانسان والتي يجب علينا جميعا ان نتقاسمها ونتحملها حتى يرحم الله هذه الأمة برحمته ويزيل العمل السيّئ واهله ، ونتخلص من دهاء ومكر الماكرين المتآمرين والمتلاعبين بمشاعرنا وعقولنا لينعموا ونبقى لهم حامين وراعين .
24-2-2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق